الصفحة الرئيسية >بدون طيار >«إشارات متناقضة» بشأن مفاوضات ڤيينا و«الاتفاق النووي»
Nov 22بواسطة الذكية منظمة العفو الدولية.

«إشارات متناقضة» بشأن مفاوضات ڤيينا و«الاتفاق النووي»

يتعاطى الجميع مع مفاوضات ڤيينا النووية على أنها بلغت مرحلة حاسمة تقاس بالأسابيع وتتطلب قرارات سياسية، يفترض أن تكون العواصم المتفاوضة قد ناقشت خطوطها الأساسية مع وفودها قبل عودتهم إلى العاصمة النمساوية مع استئناف الجولة الثامنة من المحادثات.

وترددت معلومات عن اجتماعات عقدت بصورة غير علنية سهلت التوصل إلى تفاهم يسرع المباحثات بين الأطراف المعنية، وبينها اجتماع أمني رفيع المستوى عقد بين الجانبين الأميركي والإيراني في ألمانيا خلال زيارة سرية لرئيس المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز الى برلين، علما أن صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت هذا الخبر، وقالت إن الزيارة سبقت بأسبوع زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن للمنطقة، وانها مرتبطة بالحدث الروسي ـ الأوكراني فقط.

وتشير هذه المعلومات إلى أن هناك موافقة أميركية أولية على إطار إتفاق أعد روسيا بالاتفاق مع إيران، وسط إشارات إلى تبدل واضح في الموقف الأوروبي الذي كان شديد السلبية سابقا ليتحول إلى داعم لاتفاق أشمل.

وفوجئ الوفد الإيراني بتجاوب أميركي سهل الاتفاق على ثلثي نقاط البحث، وان ما بقي عالقا في إطار النقاط غير القابلة لنسف الاتفاق، وهو ما دفع بالوفد الإيراني إلى العودة سريعا إلى إيران للتشاور والحصول على غطاء للمضي قدما في المباحثات النهائية.

«إشارات متناقضة» بشأن مفاوضات ڤيينا و«الاتفاق النووي»

«الإشارات الإيجابية» بخصوص مفاوضات ڤيينا النووية تصدر في معظمها عن إيران التي تتحدث عن تطورات جيدة وإن كانت غير كافية، وتؤكد رغبتها في التوصل إلى اتفاق جيد يوفر لها فوائد اقتصادية بطريقة مستدامة وموثوقة، مع التشديد على أولوية رفع عقوبات حقبة ما بعد انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والتحقق من رفعها عمليا والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي، ذلك أن المشكلة ليست محصورة في بنود أوراق التفاوض الحالية، بل فيما خص مرحلة ما بعد الاتفاق، إذ إن إيران ليست متحمسة لعودة سريعة إلى اتفاق عام من دون الحصول مسبقا على ضمانات أكيدة تشمل العقوبات وأيضا الملفات المتعلقة بما يجري في الشرق الأوسط، والتي لن تكون بندا على أي طاولة مفاوضات، لا الآن ولا في أي مرحلة لاحقة.

لكن جهات ديبلوماسية أوروبية متابعة لمسار المفاوضات تلتزم جانب الحذر والترقب ولا تجاري التفاؤل الإيراني، وبعدما كانت شديدة التفاؤل بأن مسألة العودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 هي مسألة وقت، فإنها تعيد النظر في تقييمها، إذ انحسر التفاؤل لديها للأسباب التالية:

٭ وضع إدارة جو بايدن الدقيق والحساس، بحيث لا يمكنها تحمل الشروط الإيرانية التي تفوق قدرتها وأوضاعها، فبايدن وضعه ضعيف سياسيا وشعبيا في الداخل الأميركي ويواجه ضغوط الجمهوريين وقسم من الديموقراطيين لعدم تقديم تسهيلات وتنازلات إضافية لإيران، كما تلوح في الأفق انتخابات نصفية للكونغرس تقيده من الآن وتضيق عليه هامش المناورة والتفاوض.

٭ تقييم إيران الخاطئ أو المبالغ به بشأن بايدن وضعفه واستعداده للتنازل وتوقه إلى اتفاق نووي بأي ثمن، وعدم وجود الحرب بين خياراته البديلة، وعلى أساس هذا التقييم تبادر طهران إلى تصعيد موقفها ورفع سقف مطالبها باتجاه رفع كامل للعقوبات وإعطاء ضمانات مستقبلية، وهي تعلم أن بايدن لا يمكنه أن يعطيها، وان هذه المطالب لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تحول الاتفاق النووي إلى معاهدة أميركية ـ إيرانية يصوت عليها مجلس الشيوخ بأكثرية الثلثين، لذلك تطرح إيران ضمانة ذاتية مفادها الاستعداد من جهتها لتجميد تخصيب اليورانيوم عند الدرجة التي بلغتها في الوقت الراهن مقابل الاستمرار في الاتفاق النووي والتزاماته من جهة واشنطن، فإذا حصل إخلال في الالتزام الأميركي عادت إيران إلى استئناف التخصيب العالي.

٭ وجود شكوك لدى الأميركيين والأوربيين بشأن الجدوى الاستراتيجية الأمنية والاقتصادية للاتفاق النووي مع إيران لعدة أسباب منها: ما يتعلق بتطور البرنامج النووي الإيراني الذي يحصل بوتيرة سريعة وأسرع من وتيرة المفاوضات، بحيث ان أي اتفاق جديد ومتأخر سيكون مسبوقا بأمر واقع نووي على الأرض يجعل إيران دولة «حافة نووية»، يضاف إلى ذلك أن البرنامج النووي لم يعد وحده مصدر الخطر والتهديد من جانب طهران على أمن واستقرار المنطقة والعالم، وإنما صار هذا الخطر متأتيا من مصدرين، هما: الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والطائرات المسيرة التي تسلح بها إيران أذرعها، وهذان الموضوعان ترفض إيران الخوض فيهما والتفاوض بشأنهما.

كما تراجع حماس الأوروبيين للاتفاق النووي مع إيران لسبب إضافي آخر يتعلق بعدم الجدوى الاقتصادية، وعدم وجود فرصة لقطف الثمار والمكاسب، مع اعتماد إيران سياسة «التوجه شرقا» والبحث عن أسواق بديلة ومصادر جديدة للدعم والتسويق وإبرام معاهدات استراتيجية مع كل من روسيا والصين.