الصفحة الرئيسية >بدون طيار >في ذكراها الـ 31 .. التفوق العسكري التكنولوجي لأميركا في “عاصفة الصحراء” هل تأثر اليوم وتخلف ؟
Jul 01بواسطة الذكية منظمة العفو الدولية.

في ذكراها الـ 31 .. التفوق العسكري التكنولوجي لأميركا في “عاصفة الصحراء” هل تأثر اليوم وتخلف ؟

وكالات – كتابات :

يُشير عديد من المحللين والإستراتيجيين في (البنتاغون) إلى أن هامش التفوق العسكري التكنولوجي لـ”الولايات المتحدة”؛ أقل بكثير مما كان عليه في “حرب الخليج”.

نشرت مجلة (ناشيونال إنترست) الأميركية مقالًا؛ لـ”كريس أوزبورن”؛ الذي عمل في (البنتاغون) خبيرًا مؤهلًا لدى مكتب مساعد وزير الجيش، حول التطورات التي شهدتها عملية “عاصفة الصحراء” باستخدام تكنولوجيا جديدة وأسلحة جديدة لم تُستخدَم من قبل، فيما عُرف: بـ”الإزاحة الثانية”، و”عاصفة الصحراء”؛ هي إحدى عمليات الحرب التي شنتها قوات التحالف المكونة من: 34 دولة؛ بقيادة “الولايات المتحدة الأميركية” ضد “العراق”، بعد أن منح “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”، تفويضًا بذلك لتحرير “الكويت” من القوات العراقية، فيما عُرف: بـ”حرب الخليج الثانية”؛ بين عامي: 1990 – 1991.

وفي بداية مقاله؛ يُشير الكاتب إلى أن عملية “عاصفة الصحراء” تضمنت الظهور القتالي الأول لتكنولوجيا التخفي، ونظام تحديد المواقع العالمي للملاحة؛ (جي. بي. إس)، وأنظمة التحذير من الصواريخ، ورادار طائرات الاستطلاع الأكثر تقدمًا، وكميات كبيرة من القنابل الموجَّهة بدقة عالية باستخدام الليزر.

وعندما حددت أجهزة الاستشعار المدعومة من نظام تحديد المواقع أهدافًا للعدو، راقبت طائرات الاستطلاع تحركات قوات الخصم، بينما تفادت قاذفات (الشبح) تعقب أجهزة الرادار لدى الدفاعات الجوية. وفي الأيام الأولى لعملية “عاصفة الصحراء”، قبل عقود – في كانون ثان/يناير من عام 1991 – كان عدد قليل جدًّا من المشاركين يُفكرون على الأرجح كيف أن هذه الهجمات تُشير إلى حقبة جديدة في الحرب الحديثة.

نقطة تحول جوهرية..

يُلفت “أوزبورن”؛ إلى أنه عندما يُحيي المحاربون القدامى والمؤرخون والمحللون الذكرى الحادية والثلاثين لـ”حرب الخليج الثانية”؛ في شباط/فبراير من العام الجاري، من المحتمل أن يرى العديد منهم الآن الجهد العسكري بمثابة نقطة تحول جوهرية في مسار الحرب الحديثة أو تطورها.

ويُسارع العديد من المحللين والإستراتيجيين في (البنتاغون) إلى الإشارة؛ إلى أن هامش التفوق العسكري التكنولوجي لـ”الولايات المتحدة” أقل بكثير مما كان عليه وقت “حرب الخليج”. ومنذ ذلك الحين توجه خصوم “أميركا” المحتملون إلى التعلم من الأسلحة الأميركية ونجحوا في تضييق الفجوة.

ما الذي تعلمه العالم ؟

يُشير الكاتب إلى أن عملية “عاصفة الصحراء” تضمنت الظهور القتالي الأول لتكنولوجيا التخفي، ونظام تحديد المواقع العالمي للملاحة، وأنظمة التحذير من الصواريخ، ورادار طائرات الاستطلاع الأكثر تقدمًا، وكميات كبيرة من القنابل الموجهة بدقة عالية باستخدام الليزر، ووفقًا لما ذكره؛ اللواء “بول جونسون”، (المتقاعد حاليًا)، الذي كان يشغل سابقًا منصب مدير المتطلبات لنائب رئيس الأركان لشؤون الخطط والمتطلبات الإستراتيجية، في مقابلة خاصة قبل عدة سنوات.

وتقاعد “جونسون” من سلاح الجو؛ في عام 2016، بعد إنهاء مسيرة مهنية طويلة في القوات الجوية – تضمنت القيام بمهام قتالية عالية الخطورة بطائرات من طراز (إيه-10)؛ خلال “حرب الخليج”. وتحدث “جونسون”، قبل تقاعده؛ لتقديم وجهة نظر نادرة وخبيرة حول ظهور تكنولوجيا جديدة أثناء “حرب الخليج”.

وقال “جونسون” متحدثًا في (البنتاغون)؛ قبل عدة سنوات: “لقد رأينا اللمحات الأولى في عاصفة الصحراء؛ لما سيُصبح تحولًا في القوة الجوية”. وبدأت الحرب الجوية التي استمرت خمسة إلى ستة أسابيع، والتي مهدت الطريق لما أصبح في النهاية غزوًا بريًّا استمر: 100 ساعة، بصواريخ (كروز) وقيام طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات الجوية والجيش بمهمة عالية الخطورة خلف خطوط الخصم لضرب مواقع أجهزة رادار الإنذار المبكر. وأوضح “جونسون” أن طائرتين هليكوبتر من طراز (إم. إتش-53 بيف لو)، (MH-53 Pave Low)، قادتا مروحية هليكوبتر هجومية من طراز (إيه. إتش-64 أباتشي) إلى الأراضي العراقية.

وكانت فكرة المهمة هي التدمير الكامل لرادار الإنذار المبكر؛ من أجل فتح ممر جوي للطائرات للتحليق بأمان ومهاجمة الأهداف العراقية. وكانت المهمة: “ناجحة”.

ويتذكر “جونسون” قائلًا: “كان هذا بداية عصر نظام تحديد المواقع العالمي للملاحة – القدرة على التنقل بدقة في أي مكان وفي أي وقت دون أي أنظمة ملاحية أخرى. وكانت مروحيات (بيف لو) مزودة بالجهاز، ولكن (الأباتشي) لم تكن كذلك. لذلك كانت (بيف لو) هناك للملاحة بـ (الأباتشي) في عمق العراق؛ للعثور على مواقع رادار الإنذار المبكر. والآن لدى الجميع النظام على أجهزة محمول (الآي فون) الخاصة بهم، ولكن في ذلك اليوم والوقت كان يُعد ثورة حقًا”.

في ذكراها الـ 31 .. التفوق العسكري التكنولوجي لأميركا في “عاصفة الصحراء” هل تأثر اليوم وتخلف ؟

وأوضح “جونسون” أن الأهداف ذات الأولوية؛ خلال الحرب الجوية تمثلت في المدفعية العراقية بهدف ضرب أي قدرة محتملة لـ”العراق” على إطلاق أسلحة كيماوية. وشملت الأهداف الأخرى ذات الأولوية الدفاعات الجوية العراقية، وتشكيلات القوات والعربات المدرعة، ومواقع القيادة والسيطرة. وشمل الهجوم الجوي قاذفات (الشبح) من طراز (إف-117 نايت هوك)، وقاذفات (بي-52)، ومقاتلات (إف-15 إيغل)، وطائرات (إيه-10 ورثوغ)؛ التي تُحلق على ارتفاعات منخفضة، وغيرها.

أول ظهور قتالي للتكنولوجيا الجديدة..

وأفاد “أوزبورن”؛ أنه بينما لم يكن هناك كثير من المعارك الجوية خلال “عاصفة الصحراء”، حاول العراقيون استخدام عدد قليل من طائرات (ميغ-29) المقاتلة، غير أنه بعد رصدها من قبل رادار طائرات القوات الجوية الأميركية من طراز (إف-15إي) – كانوا يفرون، على حد قول “جونسون”.

وظهر في هذه الحرب كثير من الأسلحة الدقيقة التي تُطلق من الجو، بمساعدة الاستطلاع العلوي ونظام تحديد المواقع العالمي للملاحة، التي يُشار إليها إلى حد كبير باسم: “الإزاحة الثانية” – وهي لحظة في تطور الحرب تتميز بقفزات تكنولوجية كبيرة. وأوضح “جونسون” أن “الإزاحة الثانية” أتت بثمارها في أواخر التسعينيات؛ خلال عملية “قوات الحلفاء”، في “كوسوفو”.

ولم تكن القنابل الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي، والتي تُسمى: “ذخائر الهجوم المباشر المشترك”، أو (JDAMs)، موجودة بعد في وقت “حرب الخليج الأولى” – لكن تكنولوجيا تحديد المواقع العالمي شهد تحسُّنًا كبيرًا بسبب قدرة الطيارين والقوات البرية على معرفة مكانهم بالضبط؛ فيما يتعلق بالمناطق المحيطة وتحركات قوات الخصوم. وبالإضافة إلى ذلك سمح الاستخدام المكثف للأسلحة الموجهة بالليزر للأصول الجوية بتحديد الأهداف العراقية من بقعة الليزر – ومن ثم زيادة الدقة وكفاءة المهمة مع تقليل الأضرار الجانبية. وأوضح “جونسون” أن: “أسلحة الليزر؛ كانت موجودة منذ فيتنام، لكننا استخدمنا قنابل موجهة بالليزر بأعداد لم نستخدمها من قبل”.

وشملت بعض الأسلحة التي جرى إسقاطها؛ صواريخ (مافريك)، وقنابل (مارك 84)، التي يبلغ وزنها ألفي رطل؛ التي تخترق التحصينات، و(مارك 82)؛ التي يبلغ وزنها: 500 رطل، إلى جانب أسلحة عنقودية. وصاروخ (مافريك) عبارة عن سلاح دقيق مضاد للدروع يستخدم أسلحة دقيقة كهروضوئية لتدمير الأهداف. وأضاف “جونسون”: “لدى (مافريك) كاميرا في مقدمة الصاروخ؛ تتبع الهدف وتوجه نفسها نحوه. إنها تكنولوجيا قديمة، لكنها دقيقة للغاية”.

وقال “جونسون” إن الاستطلاع المحمول جوًّا، في شكل نظام الرادار المشترك للاستطلاع ومهاجمة الأهداف أو (JSTARS)، وفَّر للقوات المهاجمة رؤية غير مسبوقة من السماء. واستخدمت الطائرة مؤشر الهدف المتحرك على الأرض “ورادار الفتحة الاصطناعية”؛ أو (SAR)، لتقديم “لوحة” أو صورة مرسومة للنشاط الأرضي أدناه.

وأوضح “جونسون”: “هذا سمح لنا بمراقبة ساحة المعركة ليلًا أو نهارًا بغض النظر عن الطقس؛ وكشف حركة التشكيلات الأرضية للخصم. وحاولت القوات العراقية الهجوم على قرية الخفجي، وهي حركة واسعة النطاق من جانب الجيش العراقي، في منتصف الليل، لأنهم أعتقدوا أننا لا نستطيع رؤيتهم، لكننا رأيناهم”.

وبفضل تكنولوجيا الاستطلاع هذه، كان قائد الحرب الجوية قادرًا على تحريك القوة الجوية لمسرح عمليات كامل لمهاجمة التشكيلات العراقية. ويضيف “جونسون”: “وفي (عاصفة الصحراء)، كان لدينا القدرة على أن نرى ديناميكيًّا ما كان يجري في ساحة المعركة وممارسة القيادة والسيطرة على الفور. كما كان لدينا القدرة على التنقل بدقة لا تُصدق، ومن ثم القدرة على استخدام أسلحة دقيقة – سلاح واحد يقتل هدفًا واحدًا في كل مرة”.

وقال “جونسون” إن “عاصفة الصحراء” تضمنت أيضًا الظهور الأول للقتال باستخدام اتصالات الأقمار الصناعية؛ فيما يتجاوز خط البصر والذي توفر، من بين أشياء أخرى، أنظمة إنذار صاروخية. ويتذكر “جونسون”: “لم نُطلق النار على كل صواريخ (سكود)؛ التي انطلقت نحونا، لأننا نعرف إلى أين ستذهب”. وأوضح “جونسون” أن “حرب الخليج” غيَّرت نموذج الاستخدام الإستراتيجي للقوة الجوية؛ من خلال السماح لطائرة واحدة بضرب أهداف متعددة بدقة بدلًا عن استخدام القنابل غير الموجَّهة لتغطية منطقة.

وقال “جونسون”: “لقد بدأنا تغييرًا في الحسابات. ومنذ فجر القوة الجوية، كانت الحسابات دائمًا – كم عدد الطائرات التي تحتاجها لتدمير هدف ؟.. ويمكن لطائرات (إيه-10) أن تُلقي سلسلة من القنابل عبر المنطقة المستهدفة على أمل أن تُصيب إحدى القنابل الهدف. وبحلول نهاية التسعينيات، كان الحساب هو – كم عدد الأهداف التي يمكن لطائرة واحدة تدميرها ؟”.

الحرب البرية في “عاصفة الصحراء”..

كانت الحرب البرية؛ التي استمرت: 100 ساعة، فعالة بسبب الحرب الجوية واستخدام الخداع التكتيكي. وكانت القوات البرمائية الأميركية تُمارس مناورات لإظهار الهجمات الساحلية على طول الساحل الكويتي؛ باعتبار ذلك وسيلة لإعطاء العراقيين انطباعًا بأن هذه هي الطريقة التي سيهاجمون بها.

وأوضح “جونسون”: “لقد رأى العراقيون هذه المناورات البرمائية؛ لأن هذا ما أردناهم أن يروه”. وباستخدام مناورة: (الخطَّاف الأيسر) الشهيرة، شنَّت قوات التحالف الأميركية في الواقع مزيدًا من الهجمات في العمق الداخلي وتمكنت من التقدم بسرعة مع تحمل أضرار بشرية قليلة، من خلال الدفاعات العراقية الأضعف.

غير أنه كانت هناك بعض المعارك الشهيرة بالدبابات في الصحراء المفتوحة؛ خلال الهجوم البري. ودمرت دبابات الجيش الأميركي أعدادًا كبيرة من الدبابات العراقية والمواقع القتالية – ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن أجهزة التصوير الحراري المتقدمة بالأشعة تحت الحمراء داخل دبابات القتال التابعة للجيش الأميركي (إم1 أبرامز)؛ تمكن الأطقم من اكتشاف العلامات المميزة لوجود الدبابات العراقية دون الحاجة إلى الإضاءة المحيطة.

وعلى الرغم من أن هذا أعطى القوات الأميركية ميزة – وكان الجيش الأميركي منتصرًا بصورة ساحقة في معارك دبابات “عاصفة الصحراء” – فإن هناك بعض الاشتباكات الصعبة مثل “معركة قمة المدينة”؛ بين الفرقة المدرعة الأولى في الجيش الأميركي وقوات “الحرس الجمهوري” العراقي.

وأشار الكاتب إلى أن استخدام مثل هذه الدقة من الجو كان بمثابة بداية لما يُشار إليه عمومًا باسم: “الحرب القائمة على التأثيرات”، وهي أسلوب هجوم جوي إستراتيجي يهدف إلى مهاجمة أهداف محددة من الجو دون الحاجة إلى تدمير البنية التحتية لمنطقة الهجوم.