الصفحة الرئيسية >بدون طيار >جريدة الرياض | لا تمسك يدك ولا تبسطها كل البسط
Apr 26بواسطة الذكية منظمة العفو الدولية.

جريدة الرياض | لا تمسك يدك ولا تبسطها كل البسط

في شركة طيران سعودية، أجرى الخبير الأجنبي بعبقريته الفذة حسبة أظهرت له توفير مبلغ سنوي إذا تم إيقاف وجبات الطيارين على متن الرحلات، موصيا الإدارة العليا بصرف جزء من هذا المبلغ على صورة "بدل" يضاف إلى رواتب الطيارين شهريا، والباقي يعود إلى خزينة الشركة!

"طارت" إدارة الشركة من الفرح بهذا التوفير في المصاريف، لكن الطيارين انزعجوا، إذ لم يكن مقبولا لهم الدخول للطائرة بشنطة "فسحة"، أو التأخر عن الرحلات لشراء الأكل، أو تحويل قمرة القيادة إلى منضدة لتحضير الوجبات والمشروبات!

زادت حدة هذا الاستياء بعد أن تكرر نزول رواتب بعض الطيارين ناقصة بدون البدل الجديد، وانشغلت إدارتا تشغيل الرحلات والموارد البشرية بين الصرف وعدم الصرف، ولم تمض أشهر إلا ويتضح لإدارة الشركة أن "التوفير المزعوم" لم يكن سوى وجعا في الرأس، فألغي القرار، وعادت الأمور كما كانت!

جريدة الرياض | لا تمسك يدك ولا تبسطها كل البسط

للأسف، يقترح بعض المديرين بشكل عشوائي توفير "مبلغ زهيد" على المدى القصير في سبيل إرضاء أو إبهار الإدارة العليا أو مجلس الإدارة، ناسيا أو متناسيا أن تلك "الريالات" قد تلحق بالشركة خسائر أكبر على المدى البعيد، تتمثل في تدهور مستوى خدماتها، وإفساد تجربة العملاء أو الموظفين.

بكل تأكيد لا أحد يرضى بالهدر المالي، لكن إذا أردنا أن نخفض التكاليف، فلتكن البداية من السيطرة على مظاهر البذخ الإداري - إن وجدت - كتخفيض درجة تذاكر القياديين في رحلات العمل، ومصاريف إقاماتهم في الفنادق الفاخرة، إن كان سفرهم حتميا، ولا يستعاض عنه باجتماعات عن بعد.

أما إذا كان تخفيض التكاليف سيؤثر على تجربة الموظف أو العميل، فيجب التفكير مليا قبل اتخاذ قرار التخفيض، لأن الإدارة قد تتوهم زيادة الربحية في ناحية، وهي لا تعلم أنها ستتكبد خسائر في نواحي أخرى!

هناك تكاليف ضرورية، لو جرى تخفيضها ترتب على ذلك مخاطر تمس معايير الجودة أو السلامة أو الأمن، فالنظر إلى تخفيض التكاليف من زاوية "مالية" بحتة نظرة قاصرة، إذ يجب إشراك الأطراف المعنية داخل الشركة لضمان مراعاة كل الجوانب المرتبطة بالتخفيض.

وما لم يكن هناك هدر مالي واضح لا يختلف فيه اثنان، فيجب دراسة قرارات التخفيض دراسة مستفيضة، ولعل من أفضل مجالات التوفير أن تتم مراجعة عقود الموردين والمقاولين، فمثلا قد نجد أن شركات تابعة لمجموعة تتعاقد منفردة مع عدة جهات لتوريد أجهزة الحاسب، بينما لو توحدت المشتريات عن طريق اتفاقية واحدة تخدم المجموعة وشركاتها التابعة مع مورد واحد، فلك أن تتخيل الوفورات المتحققة، دون تأثير سلبي على العملاء الداخليين أو الخارجيين.

لذلك، أنصح دائما أن تنطلق الرحلة من "إدارة المشتريات"، فهي منجم للكثير من الأفكار التي تسهم في تخفيض التكاليف، إما بإعادة التفاوض مع الموردين أو حتى تغييرهم لو اقتضى الأمر، فالمورد يعوض بغيره من الموردين، أما الموظفين والعملاء، فما من بديل عنهم!