الصفحة الرئيسية >بدون طيار >مقاتلات الجيل السادس: أوروبا نموذجاً
May 01بواسطة الذكية منظمة العفو الدولية.

مقاتلات الجيل السادس: أوروبا نموذجاً

الأمن والدفاع العربي – خاص دبي

في خطوة وحّدت صفوف القوات العسكرية في القارة وخفّفت من التباينات القائمة في ما بينها كما ووجدت بديلاً للمقاتلات الأميركية، أطلقت أوروبا مشروع تطوير طائرتين مقاتلتين مختلفتين من الجيل السادس بشكل متزامن في اختبار مفصلي لقدرتها على إيجاد قيادة عمليات مشتركة من شأنها ضمان سيادتها العسكرية في ظلّ تصاعد التوتر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تثير مواقفه الشكوك حول متانة حلف شمال الأطلسي.

في التفاصيل، كشفت فرنسا، ألمانياوإسبانيا النقاب عن جيل جديد من مقاتلات القوات الجوية الأوروبية؛ ويندرج مشروع بناءالمقاتلة الخفية ضمن “نظام القتال الجوي المستقبلي” (FCAS) الذي سيضم أيضاً طائرات مسيّرة وصواريخوناقلات تموين يتم التحّكم بها عن بعد قادرة على نقل الذخيرة وتشويش شبكات الاتصالاتكما وتشتيت انتباه دفاعات العدو. من جهتها، تعاونت كل من بريطانيا، إيطاليا، السويدوهولندا لإطلاق مشروع مقاتلة الجيل السادس الأوروبي “تمبست” (Tempest) حيث اتفق الشركاء على استحداث مفهوممبتكر وشراكة تتضمّنالمعرفة، تعريف المنتجات، والنمو التقني للتطوير المشتركلأنظمة المعارك الجوية المستقبلية. ويعتبر هذا المشروع خطوة رئيسة في تعزيز الدفاعالأوروبي المشترك رغم خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي.

في ظلّ هذه الخطوات الجدية،تباينت الآراء حول إمكانية أوروبا تشغيل برنامجين لمقاتلات الجيل السادس حيث يعتقدبعض المحللين أن التكلفة الضخمة وربما الأعداد القليلة من الطائرات المطلوبة لساحةالمعركة بعد عام 2040 ستمنع الأوروبيين في نهاية المطاف من تشغيل برنامجين منفصلين،في حين تُخالف وزيرة الدفاع البريطانية بيني موردون هذا الرأي معتبرة أن تاريخأوروبا في البرامج العسكرية حتى اليوم يبرهن قدرة القارة على تحمّل خطّتين عمل منفصلتينللطيران الحربي.

مقاتلات الجيل السادس: أوروبا نموذجاً

يدفعنا هذا الأمر إلىالتفكير في حروب الجيل السادس الجوية وما الذي يمكن أن نتوقعه من طائرات هذا النوع،خاصة وأن طائرات الجيل السادس لم تخرج بعد عن الإطار المفاهيمي، لاسيما وأن القواتالمسلحة في كافة أنحاء العالم لا تزال تسعى إلى استيعاب الجيل الخامس منالمقاتلات.

مما لا شك فيه أن طائرات الجيلالسادس، نظرياً، ستتجاوز مهارات طائرات الجيل الخامس في العديد من الجوانب، حيثتشير التقارير الحالية إلى أن منصات الجيل السادس ستكون “مأهولة (بطيارين) بشكلاختياري”، مما يعني أنها يمكن أن تطير بطيار أو بدونه، الأمر الذي سيُمثّل تحولاًحاسمًا في أوامر القوات الجوية العالمية بمعركة ما. يُضاف إلى ذلك، أنهذا النوع من الطائرات يُمكن أن يُعيد صياغة المفهوم المعروف للعمليات وقواعد الاشتباكفي العديد من أركان العالم، خاصة وأن هذه الطائرات تعمل كمنصة لإطلاق ضربات الطائراتبدون طيار كما ومن المحتمل أن تتزوّد بأسلحة الطاقة الموجهة أيضًا.

بدون أدنى شك، فإن إدارة مثلهذه المهام المعقدة والتعامل مع كمية هائلة من البيانات تتجاوز القدرات المعرفية البشرية،وقبل طائرات الجيل الخامس، كان خبراء الصناعة الدفاعية والطيران يميلون إلى حل هذهالمشكلة من خلال تعدد عمل بعض منصات الجيل الثالث والرابع، ومن ثم إدخال أدوار جديدةفي قمرة القيادة.

ما يُثير الإهتمام هنا هو أنإحدى ميزات تصميم مقاتلة “تمبيست” هي قمرة القيادة. فهي عادة ليست الجزءالذي يركّز عليه الناس، ولكن هناك شيء مختلف تماماً حول تصميمها؛ فعندما نظر الزوارإلى لوحة البيانات – خلال فعاليات معرض “فارنبوروه للطيران 2018”- لم يرواأيًا من أجهزة القياس والميزات المعتادة. ولكن بدلاً من ذلك، كان هناك شاشة سوداء فارغةتماماً أمام أعينهم – إلى أن وضعوا الخوذة الخاصة وظهرت شاشة العرض أمامهم.من هنا، تراهن شركة “بي إيه إي سيستمز” البريطانية على أن مفهومها لقمرةقيادة افتراضية، والتي يمكن تغييرها بحسب أفضلية الطيار وتحديثها بسهولة لتعكس إمكاناتجديدة، ستأتي بثمارها على المقاتلة الجديدة. وقم تم تصنيف هذه القمرة على أنهاطريق المستقبل، فأولاً، إن النظام أخف وزناً من مجموعة التحكم التقليدية في مقصورةالقيادة، والتي تسمح للمصممين بتخفيف الوزن عن التصميم، وثانياً، والأهم من ذلك، يُتيحالنظام قدرات معيارية(Modular Capabilities).

وتُشكّل هذه التقنيات(بالإضافة إلى العديد من غيرها) خاصيّة أساسية تُميز مقاتلات الجيل السادس عننظيرتها من الجيل الخامس، فما أحضرته هذه الأخيرة حتىيومنا هذا، هو تصاميم أحادية المقعد، وإذا اتبع الجيل السادس هذا النموذج بشكلعام، ولأنه سيتعامل مع كمية هائلة من البيانات وتعدد المهام في مساحة معركة أكثرتعقيدًا، فإن السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو تعزيز قدرة الذكاء الاصطناعي(AI) والتوافق بين البشر والآلات.

لا يختلف اثنان على أنالخطوة الأوروبية جريئة وقد رفعت سقف المنافسة وسط الصناعات الدفاعية العالمية خاصةعلى الساحتين الأميركية والصينية في ما يخصّ التطورات التكنولوجية الرئيسية، وكذلكالنشاط العسكري الروسي ومفاهيم الحروب الهجينة. سيتطلب ذلك استثماراً كبيراً في تكنولوجياالذكاء الاصطناعي، وإنتاج منصات طائرات بدون طيار، وتزويد الطائرات بأنظمة حربية إلكترونيةقوية وأسلحة على أحدث مستوى، وضمان مستوى عالٍ جدًا من الاتصال بالشبكات بشكل يتجاوزالجيل الخامس، الأمر كله يتعلق بالثورة المقبلة في الشؤون العسكرية، وبالتالي المنافسةالقوية. كما ويجب الأخذ بعين الإعتبار الاختلاف الكبير في سياسات ومرونة الصادراتالأوروبية (على سبيل المثال الألمانية والفرنسية – حيث من المحتمل ألا يريد عمالقةالدفاع الفرنسيين أن يخسروا الأسواق المربحة، ولا سيما في الخليج، بسبب المشهد السياسيالألماني الحساس).

يبقى أن نرى كيف ستتمكّنالدول الأوروبية من تخطّي كافة العقبات المالية، السياسية والتصديرية على أن تواكبالمنافسة العالمية بين القوى الكبرى.

شارك هذا الموضوع:

مرتبط