الصفحة الرئيسية >بدون طيار >بموجب اتفاقية “مونترو” .. تركيا تُغلق مضيقي “البوسفور” و”الدردنيل” في وجه السفن الروسية .. كيف سيكون رد “بوتين” ؟
Jul 05بواسطة الذكية منظمة العفو الدولية.

بموجب اتفاقية “مونترو” .. تركيا تُغلق مضيقي “البوسفور” و”الدردنيل” في وجه السفن الروسية .. كيف سيكون رد “بوتين” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بشكل مباشر؛ أوضح الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، موقف بلاده من الحرب التي تُشنها “روسيا” على “أوكرانيا”، والتي دخلت يومها السابع الآن.

وذلك في كلمته خلال مؤتمر صحافي، مساء أمس الأول، عقب إنتهاء اجتماع الحكومة، في المجمع الرئاسي بالعاصمة؛ “أنقرة”.

وأوضح الرئيس التركي؛ أن بلاده لن تتخلى عن “روسيا” ولا عن “أوكرانيا”؛ لأن مصالحها مع كليهما، مشدّدًا على أن “تركيا” لن تقبل بإزدواجية المعايير التي يتبعها الآخرون. لكن: “مصممون على استخدام صلاحيتنا؛ بموجب اتفاقية مونترو، فيما يتعلق بحركة السفن في المضائق بشكل يمنع من تصعيد الأزمة”.

وأردف أن الهجوم الروسي على “أوكرانيا” غير مقبول؛ “ونحترم وحدة الأراضي الأوكرانية ومقاومة شعبها”.

وأضاف: “نتحرك في جميع الأزمات العالمية؛ بدءًا من سوريا حين فتحنا أبوابنا أمامهم وما زلنا نمد يد العون لجميع الشعوب المظلومة”.

وأكد أن “تركيا” حذرت من الأزمة “الروسية-الأوكرانية”؛ قبل وقوعها ونبهت العالم بخطورتها.

وقال “إردوغان”: “بصفتنا أعضاء في الـ (ناتو) قمنا بتنفيذ جميع الواجبات التي تقع على عاتقنا”، لافتًا إلى أن أطراف الأزمة “الروسية-الأوكرانية” تجعل حلها صعبًا.

تحول لغة الخطاب التركي..

وكان وصف “تركيا”؛ للعملية العسكرية الروسية قد تغير، مما يؤكد تحولاً في موقف “أنقرة” من الأزمة الجارية، حيث اعترفت “تركيا”؛ رسميًا، الأحد: بـ”حالة الحرب”؛ بين “روسيا” و”أوكرانيا”، بعد أن كانت تصفها: بـ”غير المقبولة”، وهو ما يخولها بموجب اتفاقية “مونترو” لعام 1936؛ تقييد وصول الطرفين المتحاربين إلى “مضيق الدردنيل”؛ الذي يسمح بالعبور إلى “البحر الأسود”، لكن الاتفاقية تتضمن بندًا يسمح للسفن الحربية للدول المتحاربة العبور إذا كانت عائدة إلى قاعدتها الأصلية. ومن ثم جاء تحذيرها للدول المطلة وغير المطلة على “البحر الأسود”؛ بعدم إبحار سفن حربية عبر مضيقي: “البوسفور” و”الدردنيل”.

فقد أعلن وزير الخارجية التركي؛ “مولود غاويش أوغلو”، أن بلاده ستمنع جميع السفن الحربية من عبور المضيقين؛ بموجب “اتفاقية مونترو”، ضمن مساعي “أنقرة” لتجنيب المنطقة مزيدًا من التصعيد.

طلب أوكراني رسمي بغلق مضيقي “البوسفور” و”الدردنيل”..

وكانت “أوكرانيا” قد طلبت؛ الخميس، رسميًا من “تركيا”؛ إغلاق مضيقي: “البوسفور” و”الدردنيل” أمام السفن الحربية الروسية، حيث نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية عن السفير الأوكراني والمفوض في تركيا؛ “فاسيل بودنار”، قوله في بيان: “الأمر الأهم حاليًا هو دعم أوكرانيا، وأدعو الشعب التركي والسلطات لمساعدتنا”.

وأضاف “بودنار”: “ندعو إلى إغلاق المجال الجوي ومنع السفن الحربية الروسية من العبور في: البوسفور والدردنيل، وقد تم تقديم طلب رسمي بذلك للجانب التركي”، كما دعا السفير الأوكراني؛ لفرض عقوبات على “روسيا” وأصولها في “تركيا”، ومنع “روسيا” من الحصول على أموال من أجل الحرب.

وتستهدف “أوكرانيا” من الطلب بإغلاق المضيقين؛ محاولة منع “روسيا” من جلب المزيد من السفن الحربية إلى “البحر الأسود”، لكن في الأسابيع الماضية، جلبت “موسكو” بالفعل العديد من السفن الحربية عبر المضيقين إلى “البحر الأسود”؛ على خلفية مناورة عسكرية، في منتصف الشهر الماضي.

محاولة تركية لتسجيل موقف !

تعليقًا على الخطوة التركية؛ قال المحلل السياسي التركي؛ “هشام جوناي”، إن هذه الخطوة: “تأتي ضمن إطار محاولة تركيا لتسجيل موقف، بأنها أقدمت على خطوة تُناصر بها أوكرانيا، وتُساير الإجراءات التي يتخذها بها حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي إليه، ويفرض أعضاؤه عقوبات على روسيا”.

وأشار “جوناي”؛ إلى أن: “دول حلف شمال الأطلسي؛ تفرض عقوبات مالية، وهناك دول منعت الطائرات الروسية من العبور في أجوائها، فضلاً عن مساعي إخراج موسكو من نظام (سويفت)، ومن هنا أتى الموقف التركي بإغلاق: البسفور والدردنيل في وجه السفن الروسية”.

بموجب اتفاقية “مونترو” .. تركيا تُغلق مضيقي “البوسفور” و”الدردنيل” في وجه السفن الروسية .. كيف سيكون رد “بوتين” ؟

وأوضح أن: “روسيا كانت قد توقعت هذه الخطوة في إطار استعداداتها الحرب، ونقلت السفن التابعة لها من البحر الأبيض إلى البحر الأسود عبر المضائق التركية قبل بدء الحرب، حيث عبرت: 06 سفن حربية روسية؛ في 08 شباط/فبراير الماضي، ولذلك لن تؤثر هذه الخطوة بشكل مؤثر على مسار الحرب عسكريًا”.

اتخذ قرار ميداني وفضل البقاء مع الـ (ناتو)..

ومن جانبه؛ قال المحلل السياسي الإيطالي؛ “دانييلي روفينيتي”، إن القرار: “بالتأكيد دعم لأوكرانيا؛ التي أبرمت تركيا معها اتفاقية تعاون تمتد من الطائرات بدون طيار إلى مختلف الجوانب الإنتاجية والتجارية والاقتصادية، وحتى في بعض الجوانب الإستراتيجية”.

لافتًا “روفينيتي” إلى أنه: “بالطبع، ليس معنى القرار أن تركيا لا تملك نفس النوع من العلاقات مع روسيا، لكن هجوم الرئيس الروسي؛ فلاديمير بوتين، ربما يكون قد دفع نظيره التركي؛ رجب طيب إردوغان، إلى اتخاذ قرار بخيار ميداني، والبقاء مع الـ (ناتو)، وكذلك تأكيد مصداقية الاتفاقية حتى لا تكون هناك استثناءات”.

وتابع قائلاً: “روسيا تمتلك قواعد في البحر الأسود ووحدات بحرية هجومية، وعبور المضيقين أمر بالغ الأهمية للخدمات اللوجستية، قد يبدو إيقاف تشغيله أمرًا مهمًا بدرجة كافية بالنسبة إلى الطرق الأخرى الأكثر تكلفة التي تستغرق وقتًا طويلاً”.

ونبه إلى أن: “تركيا تخشى حرية الملاحة غير المقيدة، لذلك استخدمت السلطة الممنوحة بموجب اتفاقية (مونترو) لمنع تصعيد الأزمة (الروسية-الأوكرانية)”.

وحول تأثيرات القرار على علاقات “تركيا” الخارجية، قال “روفينيتي”؛ إن: “كل شيء سيعتمد على رد الفعل الروسي، وهل سيعتبرها طعنة أم كما تؤكد أنقرة أنها خطوة لتجنب المزيد من التصعيد. في كل الأحوال، سيحظى القرار بتقدير الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.

محددات ترتبط بالموقف التركي..

ومنذ بدء الأزمة “الروسية-الأوكرانية”، وضعت؛ “آمنة فايد”، الباحث المساعد بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والإستراتيجية؛ مجموعة من المحددات التي ترتبط بتحديد الموقف التركي تجاه الأزمة “الأوكرانية-الروسية”، بمحاولة تفادي سلسلة من العواقب والتحديات المُحتملة، في حال تزايدت احتمالات الحرب بين الجانبين، وذلك على كافة الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

01 – تفاقم أزمة “الغاز” في “تركيا”: تتزايد المخاوف التركية بشأن مستقبل أمن الطاقة في البلاد، مع تنامي تهديدات الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”، المُتزامنة مع تهديدات “الولايات المتحدة الأميركية” والدول الأوروبية بفرض عقوبات اقتصادية على “روسيا”؛ في حال غزت “أوكرانيا”.

فمن المُتوقع أن تكون تداعيات تلك العقوبات وخيمة على “تركيا”، خاصة إذا تم تطبيقها على خطوط نقل “الغاز الروسي” إلى “أوروبا”، مثل الخط “التركي-الروسي”؛ (ترك ستريم)، وخط (نورد ستريم-1) وخط (نورد ستريم-2)، التي توفر لكل من “روسيا” و”تركيا” مكانة هامة ومحورية في أسواق “الغاز” في “أوروبا”.

وكان الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، قد هدد بفرض عقوبات شديدة على الشركات العالمية والمُستثمرين؛ الذين يُشاركون في تطوير تلك الخطوط، وأعلن أنه في حال غزت “روسيا”؛ “أوكرانيا”، سيتم حظر التعاون الأميركي مع تلك الشركات لوقف تشغيل خطوط نقل “الغاز”، وهو ما يُعتبر تهديدًا للعلاقات “التركية-الروسية”، سواءً من حيث الإضرار بالوضع الاقتصادي العام لـ”روسيا”، وبالتالي تدهور العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية التي تربط كلا البلدين، أو من حيث انقطاع المصدر الأساس لـ”الغاز الطبيعي” بالنسبة لـ”تركيا”، لا سيما في ظل أزمة انقطاع “الغاز الإيراني” ونقص كمياته، التي تتعرض لها “تركيا”؛ منذ مطلع العام الجاري 2022، وسط موجات الصقيع التي ضربت البلاد، ما أدى لتعطيل العمل في مئات المصانع وخطوط الإنتاج، وتوجيه العديد من الانتقادات لحكومة “إردوغان”.

02 – إشكالية الإشراف على الممرات البحرية: تبعًا لموقعها الجغرافي الإستراتيجي المحوري، ووفقًا لـ”اتفاقية مونترو” لعام 1936، تمتلك “تركيا” حق السيطرة على حركة الملاحة عبر مضيقي: “البوسفور” و”الدردنيل”، وتلتزم بفرض قيود على مرور السفن الحربية، والتي تختلف حسب ما إذا كانت الدول المالكة لها مطلة على “البحر الأسود” من عدمه، ففي الحالة الأولى يسمح للدول المطلة بمرور سفنها في زمن السلم، فيما يفرض على السفن التابعة للدول غير المطلة قيود تتعلق بالإشراف على حمولتها وتحديد مدة إقامتها. وبالتالي، فإنه في حال أغلقت “تركيا”؛ مضيق “البوسفور” أمام البحرية الروسية، ستتعرض العلاقات “التركية-الروسية” لهزة كبيرة، تُهدد سلسلة العلاقات الإستراتيجية، والاقتصادية والصفقات الدفاعية المُبرمة بين الجانبين، وهو الأمر الذي تُحاول “تركيا” تجنبه.

03 – فرض العقوبات على “قناة إسطنبول”: تحايلاً على أزمة السيطرة على المضايق الخاضعة لـ”اتفاقية مونترو”، تسعى “تركيا” للإنتهاء من بناء “قناة إسطنبول”؛ التي تمتد بموازاة “مضيق البوسفور” بين: “البحر الأسود” و”بحر مرمرة”، ولا تنطبق عليها شروط الاتفاقية، بما يضمن تفرد “تركيا” بالسيادة على القناة، وحق المنع والسماح للسفن الحربية للمرور عبرها، الأمر الذي تبدي كل من “روسيا” والدول الغربية قلقًا تجاهه، وذلك رغم تعهد “تركيا” المُسبق للطرفين بعدم تحويل القناة إلى ساحة حربية. فمن ناحية تتحسب “روسيا” من أن تتحول القناة لمسار حربي لقوات الـ (ناتو)، ومدخل إلى “البحر الأسود”، ومن ناحية أخرى؛ ينتاب الدول الغربية القلق من أن تسمح “تركيا” للسفن الحربية الروسية بالوصول إلى “البحر المتوسط”، خاصة في ظل المكاسب الاقتصادية الكبيرة المُتوقع أن تحصل عليها “تركيا” من تشغيل القناة لصالح الطرفين. إلا أنه في هذه الحالة من المُتوقع أن تفرض “الولايات المتحدة الأميركية” عقوبات اقتصادية على الشركات الدولية ال في مشروع القناة، بما يُكبد “تركيا” خسائر مالية فادحة على المستويين القريب والبعيد.

04 – التصعيد الروسي ضد “تركيا” في “سوريا”: في حال استمر الدعم التركي لـ”أوكرانيا”، وتتابعت إمدادات الطائرات (الدرونز) التركية إلى “كييف” لاستخدامها ضد القوات الروسية، من المُتوقع أن تواجه “تركيا” تصعيدًا للضغوطات الروسية ضد مصالحها السياسية والأمنية في شمال “سوريا”، بشأن إخلاء المُرتزقة والميليشيات المسلحة التابعة لـ”تركيا” من “إدلب”، وتكبيدها المزيد من الخسائر الاقتصادية والإستراتيجية في صفوفها وصفوف القوات الموالية لها، بما يضمن عرقلة دورها في “أوكرانيا”، ودعم الرأي العام التركي الداخلي المناهض لسياسات “تركيا” الخارجية، الأمر الذي يُنذر بتهديد مستقبل “إردوغان” وحزبه الحاكم في الانتخابات القادمة، في مواجهة تحالف قوى المعارضة، لا سيما في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، واستمرار أزمة اللاجئين، التي من المُتوقع أن تزيد في حال قامت “روسيا” بغزو “أوكرانيا”.

ما هي اتفاقية “مونترو” ؟

وكانت اتفاقية “مونترو”؛ قد وقعت عام 1936 في “سويسرا”، وهي اتفاقية منحت “تركيا” السيطرة على مضيقي: “البوسفور” و”الدردنيل”.

الاتفاقية تنظم حركة المرور للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب، وتضم: 29 بندًا وأربعة ملحقات وبروتوكولاً واحدًا، وقد وقعت على المعاهدة: “تركيا وبريطانيا وفرنسا وبلغاريا ورومانيا واليابان وأستراليا”، إضافة إلى الاتحادين اليوغوسلافي والسوفياتي السابقين.

وتسمح المعاهدة للسفن الحربية التابعة لدول “البحر الأسود” بحرية الحركة من دون قيد أو شرط، أما السفن الحربية التابعة لدول من خارج “البحر الأسود”، فبموجب المعاهدة يجب أن تكون خفيفة ومساعدة؛ بحيث لا يزيد عددها في المجموعة على 09 سفن مارة عبر المضيق في آن واحد، وبحمولة إجمالية لا تتجاوز: 15 ألف طن، على ألا تزيد فترة وجودها في “البحر الأسود”: 21 يومًا.

وفي حال بقاء أي سفينة فترة أطول من هذه المدة، تتحمل الدولة التي سمحت “تركيا” لسفنها بالمرور، مسؤولية هذا الانتهاك لبنود المعاهدة.

ويحق لـ”تركيا”؛ في أوقات الحرب، أن تمنع مرور السفن الحربية للأطراف المتحاربة من العبور، ووفقًا للاتفاقية، إذا كانت طرفًا في الحرب أو تعتبر نفسها مهددة بخطر وشيك.